vendredi 7 novembre 2014

عاصمة الأغالبة

عاصمة الأغالبة،  لقب تعرف به مدينة القيروان، و يعود الفضل في ذلك للتاريخ العريق لمدينة القيروان، التي تقع في وسط البلاد التونسية وهي من أكبر و أقدم المدن التونسية  و أكثرها كثافة سكانية حيث يتجاوز عدد السكان فيها المائة ألف نسمة، و تبعد عن العاصمة حوالي 160 كلمتر حيث تمر عبرها أهم الطرق الرابطة بين مدن الجنوب التونسي و العاصمة و هي بالتالي تتمتع بموقع جغرافي هام جعلها تكون أرض لقاء بين مختلف التونسيين و ربما هذا ما جعلها أيضا تكون أول مدينة اسلامية  يؤسسها القائد عقبة ابن نافع سنة 657 ميلادي  لتنطلق منها الفتوحات الإسلامية  في شمال افريقيا و الأندلس و لتتعاقب الحضارات على المنطقة  بصفة عامة و على القيروان بصفة خاصة التي أصبحت في أواخر القرن الثامن ميلادي عاصمة الأغالبة ، و الأغالبة هم بنو الأغلب الذين تركوا في مدينة القيروان أهم معلم في التاريخ الإسلامي، و في تاريخ الإنسانية ألا وهو فسقيات الأغالبة....
الفسقيات هي عبارة على أحواض لتجميع مياه الأمطار تم بنائها على امتداد عامين من العمل المتواصل  تحت حكم الأمير أبو ابراهيم أحمد ابن الأغلب  من سنة 860 إلى سنة 862 ميلادي ، و تتكون من حوض صغير سعته تبلغ 4000 متر مكعب و هو مضلع ذو 17 ضلع و قطره حوالي 34 متر و هو حوض للتصفية من الأوساخ التي قد تقع في المياه قبل أن تذهب إلى الحوض الكبير وهو أيضا مضلع دائري يتكون من 64 ضلع و قطره حوالي 130 متر و عمقه حوالي 5 أمتار و تقدر سعته ب57764 متر مكعب و في كلا الحوضين صهريجين لتخزين المياه الصالحة للشرب، كل هذه الأرقام و التفاصيل قد لا تكفي لتقديم صورة دقيقة للشكل المميز و المتقن لفسقيات الأغالبة التي بنيت في بدايات القرن التاسع ميلادي و هذا ان دل على شيء فهو يدل على المستوى العلمي الرفيع الذي شهدته الحضارة العربية الإسلامية آنذاك و مدى التطور الذي بلغته الهندسة و العلوم في القيروان أرض الحضارات و أرض اللقاء و المحبة و التسامح.... كما يدل حجم فسقيات على القيمة التي كان يحضى بها الماء كقيمة ثابتة يرتكز عليها بناء حضارة كبرى تبقى آثارها شاهدة عليها إلى حد الآن، فأهل القيروان قبل أكثر من عشرة قرون قد عرفوا قيمة الماء من منطلق حسهم المدني الرفيع و توقهم لحياة أرقى و أجمل، في حين أنه في القرن الحادي و العشرين و رغم التطور التقني المدهش الذي شهدته الحضارة الإنسانية أصبح الماء مادة مهددة بالزوال و التلوث في القيروان و في مختلف أنحاء تونس بسبب سوء الإستغلال و سوء التوزيع من قبل شركة استغلال و توزيع المياه التونسية "صوناد" حيث بات شرب كأس من الماء في الأرياف و بعض الأحياء الفقيرة يكلف أغلى من كمية ماء يستحم بها مواطن آخر تونسي أيضا في الأحياء الغنية أو في أحد النزل،
لئن كانت مشكلة الماء مشكلة عالمية و تزداد ةحدة و تعقيدا كل يوم لدى الشعوب الفقيرة فإنها في تونس أيضا قد دقت نواقيس الخطر رغم اهمال السياسيين و المسولين لقضية المياه خاصة في مناطق الجنوب و الوسط و التي تزخر بمائدة مائية غنية و غير مستغلة اضافة إلى سوء استغلال وفرة مياه الأمطار التي تأتي كل خريف لتجرف المحاصيل و البنايات و قد تجرف الأرواح أيضا.....فالمياه في تونس قد جعل لها الرومان معبدا في مرتفعات زغوان منذ قرون و نقلوا الماء عبر قنوات  من زغوان إلى قرطاج ثم جاءت الحضارة الإسلامية لتترك في مدينة القيروان العريقة أهم معلم مائي في تاريخ المسلمين و تاريخ الإنسانية  فسقية الأغالبة، التي تشهد مؤخرا حملة لتنظيفها و ترميمها لتكون مرفقا سياحيا هاما في المدينة بعد سنوات التهميش و الإهمال، عسى أن تنزاح غمة التهميش و الإقصاء عن مدينة القيروان و غيرها من مدن و قرى الداخل التونسي التي لازالت تنتظر نصيبها في التنمية و المشاريع الوطنية 

1 commentaire: