lundi 4 janvier 2010

بسم الله الرحمان الرحيم
اليوم 27 ديسمبر من سنة 2009 يذكرني هذا التاريخ بسنة مضت حيث كنت يومها مسافر وقد وصلت آنذاك الى المدينة المقصودة حوالي الساعة السادسة صباحا فاضطررت بحكم أن الوقت مبكرللبحث عن مقهى لكي أستريح قليلا حتى شروق الشمس و بداية تحرك الناس ووسائل النقل، دخلت أول مقهى وجدته أمامي بوسط المدينة ومع دخولي لاحظت صمتا رهيبا يخيم على كل الجالسين ما عدى البعض الذين يرتشفون القهوة خلسة و كانت عيونهم مشدودة الى شاشة التلفاز فعرفت من خلال تقاسيم وجوههم الحزينة و الدموع المنهمرة من مقل بعض الشيوخ ، ما هم بصدد مشاهدته و دون أن أحدث أي ضجيج اتخذت مقعدا منزويا و رفعت نظري الى جهاز التلفزيون فصدمتني الأصوات المنبعثة منه قبل أن تفزعني الصور، أصوات عويل الأطفال و النساء و أصوات دوي القنابل والقذائف المنهمرة على المباني و العمارات، وفي لحظات أقبل علي النادل بخطى متثاقلة والحزن باد على محياه رغم الابتسامة الحزينة التي حاول أن يخاطبني بها و يسألني عما أريد أن أطلب كمشروب، فقلت له بصوت مرتفع ماذا تريدني أشرب في صبيحة كهذه ، وأي طعم سيكون للقهوة التي ستجلبها لي فتفهم وضعي و تراجع الى الوراء أما باقي المتفرجين فالتفتوا لي و كأنهم وجدوا شيء يبحثون عنه منذ مدة بعيدة و قال أحدهم م وكان رجل مسنا و يلف رأسه بكوفية فلسطينية و كأنه جلبها معه خصيصا لهذه المناسبة معك حق أيها الشاب لا طعم اليوم لا للقهوة و لا للطعام و لا حتى للحياة كلها، أنا يا بني منذ البارحة لم يغمض لي جفن و أنا أتابع القنوات الاخبارية و أتابع تحاليل الاجتماعات التي قامت بها تلك الأفعى ليفني الي أن بدأ قدوم هذه الصور المفزعة و بعد لحظات سمعت آذان الفجر فذهبت الى الجامع و بعد الصلاة أتيت الى هنا لأنني أحسست و كأن هنالك حاجز يمنعني من العودة الى البيت قد يكون الخوف أو قد يكون الخجل من أبنائي و زوجتي. لم يكد يتم كلامه حتى تدخل رجل آخر كان يدخن نرجيلة في ركن قرب النافذة قائلا نحن كعرب نستحق ما يحصل لنا لأن الاسرائيليين قالو بأن الدول العربية المعتدلة تساندهم في حربهم على الارهاب، فأجبته بهدوء و ما ذنب هؤلاء الأطفال و الأبرياء حتى يصب عليهم الرصاص صبا و ان ساندتهم الدول العربية فان الشعوب العربية و الشباب العربي لا يرضيه ما يحصل، في تلك اللحظة قاطعني رجل آخر ضخم البنية و مفتول الشوارب قائلا عن أي شباب عربي تتحدث أنت أيها الغريب و ماذا تفعل أنت هنا كشاب يافع لا تزال في مقتبل العمر ألا تحمل نفسك و تذهب الى غزة و تقف الى جانبهم و تساعد المرضى و تنقذ المصابين و ما الذي يمنعك من أن تحارب معهم الأعداء الجائرين أم أنك بارع فقط في الكلام و التحاليل التي نسمع الآلاف منها على شاشات التلفزة نجدك الآن تتباكى لأنك تشاهد قناة تبث صور الحرب و فيما بعد نجدك في مقهى مختلط تشاهد الكليبات رفقة أصدقائك، في تلك الأثناء قهقه آخر بسخرية قائلا هل ستقطع قنوات الأفلام و الأغاني العارية بثها حدادا أم أنها ستزيد في انتاجها. كان وقع هذه السخرية شديد علي و هز كياني و أحسست بقلبي يكاد يخرج من مكانه و أحسست بصداع شديد في رأسي حينها تحاملت على نفسي و غادرت المقهى تاركا النقاش محتدما داخلها و ظللت أجوب الشوارع رغم أن الوقت لا يزال مبكر و البرد شديد لأني فضلت تحمل قسوة الطقس و بطئ مرور الوقت على أن أتعرض لنفس الموقف في مقهى آخر، لكن تلك الأصوات التي سمعتها من التلفاز ظلت ترن في أذني أما الصور كانت تمر من أمامي كالوميض و أنا تائه في وسط المدينة التي خيم عليها الحزن و كأنها سمعت أن مدينة أخرى هي أخت لها تتعرض للقصف و العدوان و الرصاص المصبوب هذه الأخت العزيزة و الغالية هي غزة أرض العزة و الكرامة، طلع النهار و نشرت الشمس خيوطها الصفراء لتبدد ذلك الظلام الكئيب فاستوقفت سيارة أجرة و قلت للسائق أن يوصلني الى مكان عملي وكان شرطي وقتها أن يغلق الراديو و أن لا يتحدث معي في أي موضوع لكنه قال لي أقدر موقفك و أنا ينتابني نفس الشعور بالحزن و الأسى و أتمنى أن تنتهي هذه المجزرة التي أظن أنها ستنتهي ان تواصلت بهذا النسق من التدمير و الوحشية لأن ما يقومون به يسميه المحللون ابادة جماعية فثرت عليه صائحا عن أي ابادة تحدث لن تموت غزة ولن يموت أهلها ، فقاطعني قائلا هل تحب غزة أكثر مني كلنا معها بقلوبنا و أرواحنا وما أقوله ليس مجرد كلام و أنا مستعد أن أضحي بنفسي و سيارتي هذه التي أعيل منها أبنائي أن أذهب الى غزة لكن الأبواب مغلقة و المدينة محاصرة منذ خمسة أشهر و تعاني من نقص المياه و الغذاء والدواء و الكل صامت، أما أنت يا صديقي الذي تدعي الحزن اليوم عند رؤية الحرب فانك لست على علم بهذا الحصار منذ أشهر خلت، قلت له معك حق في كل ما تقوله و أتمنى أن يصمد أهالي غزة و أرجوك يكفي هنا لقد وصلنا فأوقف سيارته و قبل أن يودعني قال لي لا تتأثر يا صديقي يجب أن تفرح بوجود بشر في هذا العالم العربي يتمتعون بالحرية و الشجاعة و قادرين على لي الذراع الصهيونية

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire